ـــ القسم الثاني الخبر الجملة:
****************************
كلمتان أساسيتان لا بد منهما للحصول على معنى مفيد؛ كالفعل مع فاعله أونائب فاعله؛ وكالمبتدأ مع خبره، أوما يغنى عن الخبر، فتكون هنا فى محل رفع. ويشترط فى الجملة والواقعة خبرًا أن تشتمل على رابط يربطها بالمبتدأ، إلا إن كانت بمعناه.
نحو: الصيف يشتد حره، الشتاء يقسو بردُه. الربيع جَوُّه معتدل. الخريف جوه متقلب.
وهذا الرابط - كالضمير فى الجمل السالفة - ضرورى؛ ولولاه لكانت جملة الخبر أجنبية عن المبتدأ، وصار الكلام مفككًا لا معنى له؛ لانقطاع الصلة بين أجزائه.
ـــ إذا كان المبتدأ ضميرا للمتكلم، متعدد الأخبار،
****************************************
وأحد الأخبار جملة فعلية، فإن الضمير الرابط يصح أن يكون للمتكلم، أو للغائب، مثل: أنا صادق أحب الإنصاف، أو: يحب الإنصاف. وكذلك إن كان المبتدأ ضميرا للمخاطب، وخبره متعددا، فإنه يجوز في الرابط أن يكون للمخاطب أو الغائب، نحو: أنت صادق تحب الإنصاف، أو: يحب الإنصاف ولا يتغير الحكم إن جعلنا الجملة الفعلية السابقة، ونظائرها، نعتا، لا خبرا، وكذلك لا يتغير إن جعلناها حالا، بشرط أن يكون صاحب الحال معرفة، مثل: أنا الصادق أحب الإنصاف وأنت الصادق تحب الإنصاف لكن مراعاة التكلم والخطاب في كل الصور السالفة. أبلغ وأسمى من مراعاة الغياب.
ـــ والروابط أنواع كثيرة منها:
*****************************
- الضمير الراجع إلى المبتدأ، وهوأصل الروابط وأقواها "وغيره خلَف عنه"، "، سواء أكان ظاهرًا؛ مثل: الزارع فضلُه كبيرٌ، أم مستتر أى: مقدر؛ مثل: الأرض تتحرك، أم كان محذوفًا للعلم به مع ملاحظته ونيته؛ نحو: حجارة الهرم حجرٌ بوزن عشرة؛ أى: حجر منها. ونحو: الثوب الرائحة رائحةُ الزهر؛ أي: الرائحة منه.
ويشترط في الضمير أن يكون مطابقًا للمبتدأ السابق فى التذكير، والتأنيث والإفراد، والتثنية، والجمع.
2ـ الإشارة إلى المبتدأ السابق؛ نحو: الحرية "تلك" أُمْنِيّة الأبطال، والإصلاح "ذلك" مقصد المخلصين. ومنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ}. بشرط إعراب اسم الإشارة مبتدأ ثانيا.
3ـ إعادة المبتدأ السابق؛ بقصد التفخيم، أوالتهويل، أوالتحقير. والإعادة قد تكون بلفظه ومعناه معًا؛ نحو: الحرية ما الحرية؟ { الحرية"، مبتدأ أول، "ما" اسم استفهام، مبتدأ ثان، مبني على السكون في محل رفع "الحرية" خبر الثاني، والجملة من الثاني وخبره في محل رفع خبر المبتدأ الأول}. ونحو: الحرب ما الحرب؟، ونحو: السارق من السارق؟ وقد تكون بمعناه فقط؛ نحو: السيف ما المهند؟ والأسد ما الغضنفر؟.
4ـ أن يكون فى الجملة الواقعة خبرًا ما يدل على عموم يشمل المبتدأ السابق وغيره؛ نحو: أما جبُنُ المحارب فلا جبنَ فى بلادنا، وأما هربه فلا هربَ عندنا. والعربيّ نعم البطل ... فعدم الجبن أمر عام يشمل جبن المحارب وغير المحارب، وكذلك عدم الهرب فى بلادنا يشمله ويشمل غيره ... والبطل الممدوح بكلمة: "نِعم" يشمل العربى وغيره.
5ـ أن يقع بعد جملة الخبر الخالية من الرابط جملة أخرى معطوفة عليها بالواو، أوالفاء، أوثم، مع اشتمال المعطوفة على ضمير يعود على المبتدأ السابق؛ فيُكتفَى فى الجملتين بالضمير الذى فى الثانية { ومثل هذا يصح في كل جملة أخرى تحتاج للرابط، كالصلة، والصفة، والحال}. فمثال الواو: الزارع نبتَ الزرعُ وتعهده - الطالب بدأت الدارسةُ واستعد لها،{ وقد تكون الجملة الخبرية الخالية من الرابط مشتملة على اسم قد عطف عليه بالواو اسم آخر يشتمل على "ضمير يعود على المبتدأ الأول، نحو: الورد تحركت فروع الأشجار وفروعه، وقد تكون الجملة الثانية نعتا وفيها الضمير: نحو: الورد قطفت واحدة أحبها، وقد تكون مشتملة على عطف بيان فيه الضمير، نحو: على صاحبت محمودا أخاه}، ومثال الفاء: الصانع تيسرت أسباب الصناعة فأقبل غير متردد، والعامل كثرت ميادين العمل فوجد الرزق مكفولا، { أما العكس وهو عطف جملة بالفاء خالية من الضمير على جملة الخبر المشتملة عليه- فجائز، نحو: قوله تعالى: (ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة)، برغم أن الجملة المعطوفة على جملة الخبر بمنزلة الخبر تستحق الضمير، لا فرق في هذا بين الجملة الواقعة خبرا للمبتدأ، والواقعة خبرا للناسخ، كالتي في الآية}. ومثال ثُمّ: القمر طلعت الشمس ثم اختفى نوره، والنجوم انقضى النهار ثم أشرق ضوءها.
6ـ أن يقع بعد جملة الخبر الخالية من الرابط أداة شرط حذف جوابه لدلالة الخبر عليه، وبقى فعل الشرط مشتملا على ضمير يعود على المبتدأ؛ مثل: الضيف يقف الحاضرون إن قَدِمَ. تلك أشهر الروابط.
ـــ ويجوز أن تستغنى جملة الخبر عن الرابط
****************************************
إن كانت هى نفس المبتدأ فى المعنى؛ بحث يتضمن أحدهما المعنى الذى يتضمنه الآخر تمامًا؛ مثل قوله تعالى: {قل هو الله أحد} فضمير الشأن: "هو" مبتدأ، خبره الجملة الاسمية بعده. وهذه الجملة التي وقعت خبرا خالية من الرابط، لأن معناها ومدلولها مساوٍ تماما لمعنى المبتدأ الضمير "هو" فمدلول كل منهما هو مدلول الآخر.
وكأن يقول رجل لزميله؛ ما رأيك فى العلم؟ فيجيب: رأيى "العلمُ نورٌ"، أو : رأيي " العلمُ يُنيرُ". فالجملة الواقعة خبرًا مطابقة فى معناها للمبتدأ فى معناه ومدلوله؛ فكلاهما مساوٍ للآخر فى المضمون؛ فالرأى هو: "العلمُ نورٌ" و"العلم ُنورٌ " هو: "الرأى ".
وفي إعرابها وجهان: أن نعرب الجملة الاسمية أوالفعلية مجزأة على حقيقتها جزأين "مبتدأ وخبرًا(العلم نور) أو (العلم ينير)، ثم يكون مجموع الجزأين فى محل رفع خبر المبتدأ السابق (رأيي)، أو أن ننظر إلى تلك التى كانت فى الأصل جملة (العلمُ نورٌ) نظرتنا إلى شىء واحد ليس مجزأ، وليس له كلمات مفردة؛ فكأنه كتلة واحدة ليس لها أجزاء، من غير تغيير شىء من حروفها أوضبطها. ثم نقول عنها كلها الآن: إنها خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره لأجل الحكاية. فنقول فى إعراب: "رأيي "العلمُ نورٌ"، "رأيي" مبتدأ مضاف. والياء مضاف إليه. "العلمُ نورٌ" كلها خبر مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على آخره، منع من ظهورها حركة الحكاية. ونقول: إنها مقدرة مع وجود ضمة ظاهرة في آخر كلمة: "نورٌ" لأن هذه الضمة الموجودة لم تجيء لأجل الخبر المحكي، إذ أنها موجود قبل مجيئه. وستبقي في بقية الأحوال، كحالتي النصب، والجر. أما الضمة الخاصة بالخبر المحكي فغير ظاهرة في النطق، وإنما هي مقدرة.
وقد يقع العكس كثيرًا؛ فيكون المبتدأ جملة بحسب أصلها، ولكنها صارت محكية. والخبر مفرد يتضمن معناها، كأن يقول قائل: أريد أن تدلنى على آية قرآنية، فتجيب: "قولٌ معرُوفٌ ومغفرةٌ خَيرٌ منْ صَدقة يَتْبعُها أذىً" آية قرآينة. فالآية كلها من أولها إلى آخرها مبتدأ مرفوع، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية. وكلمة: "آية" هى الخبر.
وكما تتكون الجملة المحكية من مبتدأ وخبره تتكون من فعل وفاعله ومن غير ذلك. والمهم فى الألفاظ المحكية أن تكون دائمًا بصورة واحدة فى جميع الحالات الإعرابية، ولكنها مع ذلك فى محل رفع، أونصب، أوجر؛ على حسب موقعها الإعرابىّ.
ـــ ويشترط في جملة الخبر أيضًا أن تكون:
*************************************
غير ندائية؛ فلا يصح: محمد "يا هذا ... ".
وأن تكون غير مبدوءة بكلمة "لكن": أو"حتى": أو"بل"؛ لأن كل واحدة من هذه الكلمات تقتضى كلامًا مفيدًا قبلها، فالاستدراك بكلمة: "لكن" لا يكون إلا بعد كلام سابق. وكذلك الغاية بكلمة: "حتى" والإضراب بكلمة: "بل".
ويجوز فى جملة الخبر أن تكون قَسَمية؛ نحو: القوى والله ليهزمن عدوه، وأن تكون إنشائية؛ سواء أكانت إنشائية طلبية؛ نحو: الحديقةُ نسْقها، أم غير طلبية مثل: الصديقُ لعله قادم. العادل نعم الوالى، والظالم بئس الحاكم.
ــ أنواع المبتدأ التي تحتاج إلى خبر حتمًا و أن يكون هذا الخبر جملة:
*********************************************************
وأشهر تلك الأنواع المحتاجة لجملة:
1ـ أسماء الشرط الواقعة مبتدأ، مثل: (مَنْ يُذاكر ينجح)، (من: اسم شرط مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، وجملة (يذاكر {هو}) في محل رفع خبر على الأرجح، أو جملتا الشرط والجواب في محل رفع خبر(مَنْ).
2ـ وكذا: ضمير الشَّان، مثل: (قل هو الله احد)، هو، ضمير الشأن مبني على الفتح في محل رفع مبتدأ ، (الله أحدٌ) جملة اسمية في محل رفع خبر المبتدأ (هو).
3ـ و"كأيِّن" الخبرية الشبيهة بكم الخبرية، مثل: (وكأين من قرية عتت عن أمر ربها ورسله)، كأين، اسم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، من قرية، جار ومجرور متعلق بـ(كأين)، (عتت {هي}) فعل ماضٍ مبني على الفتح المقدر على الألف المحذوفة للالتقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هي، والجملة الفعلية في محل رفع خبر (كأين).
4ـ والمخَّصوص بالمدح والذم إذا تقدَّم، مثل: خالد نعم القائد، فرعون بئس الحاكم. خالد، مبتدأ مرفوع، نعم، فعل ماضٍ جامد مبني على الفتح يفيد المدح،القائد، فاعل مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، والجملة الفعلية (نعم القائد) في محل رفع خبر المبتدأ (خالد).
5ـ والمنصوب على الاختصاص؛ مثل: (نحن ـ العربَ ـ نكرم الضيف)؛ نحن: ضمير منفصل مبني على الضم في محل رفع مبتدأ، العرب، منصوب على الاختصاص مفعول به لفعل محذوف تقديره أخص، نكرم، فعل مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر وجوبًا تقديره نحن، والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ (نحن).
6ـ ويجب أن يكون خبر "ما" التعجبية جملة؛ مثل: ما أعظمك، ما، للتعجب اسم نكرة بمعنى شىء مبني على السكون في محل رفع مبتدأ، أعظم: فعل ماضٍ مبني على الفتح الظاهر على آخره ، والفاعل ضمير مستتر جوازًا تقديره هو يعود على (ما)، والجملة الفعلية في محل رفع خبر، والكاف للخطاب ضمير متص مبني على الفتح في محل نصب مفعول به.
ا والخبر (ال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق