الخميس، 12 ديسمبر 2019

مسوغات الابتداء بالنكرة

مسوغات الابتداء بالنكرة: 
************************ 
الأصل في المبتدأ أن يكون معرفة، ولكن هناك مسوغات كثيرة للابتداء بالنكرة منها: 
1ـ أن تدلّ النكرة على مدح، أوذم، أوتهويل؛ فالمدح مثلبطلٌ فى المعركة، "خطيب على المنبر"، واذم مثل: "جبانٌ مُدْبرٌ "جاسوسٌ مقبل"، والتهويل مثل: "جحيم فى الموقعة"،"عذاب في الطريق".  
2- أن تدل على تنويع وتقسيم؛ مثل رأيت الأزهار، فبعضٌ أبيضُ، وبعض أحمرُ، وبعضٌ أصفرُ ... عرفت فصل الخريف متقلبًا؛ فيومٌ بارد، ويومٌ حارّ، ويومٌ معتدل 
3- أن تدل على عموم؛ نحوكلٌّ محاسَبٌ على عملهوكلٌّ مسئول عما يصدر منه؛ ويرى البعض أنَّ النكرة هنا ليست دالّة على العموم وإنَّما هي مخصوصة بالإضافة المعنوية، أي: كل إنسانٍ، وتخصيص النكرة بالإضافة في هذه الحالة هو السبب للابتداء بها وليس دلالتها على العموم، ونحو: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}، (من) شرطيةوهي تفيد العموم، كباقي أدوات الشرط، وكأسماء الاستفهام التي تقع مبتدأ، مثلأي جاء؟ -- من هنا؟ ومثل هذاالشرط والاستفهام يدل على العموم بنفسه مباشرة، لا بكلمة أخرى سبقته. 
4- أن تكون مسبوقة باستفهام، أونفي؛ وتدل على عموم في هذا السياق مثل: وهلْ داءٌ أمَرُّ من التَّنائِى....،  هَل مِثَالِيَّةٌ وُجِدَت مِن قَبلِ؟،  ومثل: ما عملٌ بضائعٍ، ولا سعىٌ بمغمورفمن مُنكرٌ هذا؟ (من)مبتدأ نكرة ولكنه اسم استفهام، فلا يحتاج لمسوغ آخرولا مانع أن تكون أداة النفي في هذا الباب ناسخة، فيصير المبتدأ النكرة اسما لها، ولهذا يصح اعتبار "ماو "لااللتين في المثال عاملتين.  
5أن تكون النكرة متأخرة، وقبلها خبرها؛ بشرط أن يكون مختصًّا؛ سواء أكان ظرفًا، أم جارًّا مع مجروره أم جملة؛ مثلعند العزيز إباءٌ، وفي الحُرِّ تَرفعٌ. ومثلنَفَعك برهُ والدٌ، وصانك حنانُها أمٌّ. 
6أن تكون مخصّصَة بنعت، أوبإضافة، أوغيرهما مما يفيد التخصيص؛ ومن امثلة تخصيص النكرة بالنعت: نومٌ مبكرٌ أفضلُ من سهر، { والنعت قد يكون ملفوظا به نحوزائر كريم أمامنا، وقد يكون معنويا، بألا يقدر في الكلام، وإنما يستفاد من نفس النكرة بقرينة لفظية، نحووليد نابغ، لأن التصغير في كلمة "وليديقوم مقام النعت، إذ معنى التصغيرولد صغيرومثله صيغ التعجب، نحوما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا، لأنه بمنزلة شيء عظيم حسن الدين والدنيالهذا كان "التعجبمن المسوغات}؛ أو تكون النكرة مخصصة بالإضافة مثل: يقظةُ البكور أنفعُ من نوم الضحا، وقول العربأحسن الولاة من سعدت به رعيته، وأشقاهم من شقيت به، وشر البلاد بلاد لا عدل فيها، ولا أمان. 
7- أن تكون دعاء؛ نحوسلامٌ على الخائف - شفاءٌ للمريض - عونٌ للبائس؛  رحمة لك، بشرط أن يكون القصد من النكرة فى كل جملة هوالدعاء. ومثل: ويلٌ للظالمين، في: ويلٌ {يصح أن يكون المسوغ للابتداء به هوالتهويل أو التعميم}.  
8أن تكون جوابًا؛ مثلما الذى فى الحقيبة؟ فتُجيبكتاب فى الحقيبة. 
9- أن تكون فى أول جملة الحال، سواء سبقتها واوالحال، مثلقطع الصحراء، ودليلٌ يَهدينى، وركبت البحر ليلا وإبرةٌ ترشد الملاحينأمْ لم تسبقها؛ نحوكلُّ يوم أذهب للتعلم، كتبٌ فى يدى. 
10- أن تقع بعد الفاء الداخلة على جواب الشرط؛ وهى التى تسمىفاء الجزاء؛ مثلمطالبُ الحياة كثيرة؛ إن تَيَسَّر بعضٌ فبعضٌ لا يتيسّر، والآمال لا تنفد؛ إن تحقق واحدٌ فواحدٌ يتجدد. 
11- أن يدخل عليها ناسخ أىّ ناسخ - وفى هذه الحالة لا تكون مبتدأ، وإنما تصير اسمًا للناسخ، ومن ثَمَّ يصحّ فى أسماء النواسخ أن تكون فى أصلها معارف أونكرات - كقولهمكان إحسانٌ رعايةَ الضعيف، وإنّ عيبًا أن تذكروا الغائب. 
12أن تكون النكرة عاملة؛ سواء أكانت مصدرًا؛ نحوإطعامٌ مسكينًا طاعة، أمْ وصفًا عاملا، نحومتقنٌ عمله يشتهر اسمهُومن العمل أن تكون مضافة؛ لأن المضاف يعمل الجر في المضاف إليه؛ مثلكلمة خير تأسِر النفس. 
13ـ إذا كانت النكرة مُبهمة يصحُّ الابتداء بها، كأن تكونَ اسمًا من أسماء الشرط أو من أسماء الاستفهاممثل: «مَنْ يَصدِقُ فِي قَولِهِ يَصدِقُ فِي عَمَلِهِ» أو «مَنْ أَنت؟»وذلك لأنَّ أسماء الشرط والاستفهام أسماء مُنَكَّرة ولا تُعَرَّف على الإطلاقوتقع «مَا» التعجبية في محل رفع مبتدأ لنفس السبب أيضًا، مثل: «مَا أَجمل كلامكَ».ونحو؛ من يعملْ خيرًا يجدْ خيرًا. 
14أن يكون فيها معنى التعجب؛ نحوما أبرع جنود المِظلات. ونحو:عَجَبٌ لرَجُلٍ يُحِبُّ الكَذِبَ. 
15- أن تكون محصورة؛ نحوإنما رجلٌ مسافرٌ. 
16- أن تكون فى معنى المحصور بشرط وجود قرينة تُهَيِّئ لذلك - نحوحادث دعاك للسفر المفاجئ، أىما دعاك للسفر المفاجئ إلا حادثويصح فى هذا المثال أن يكون من قسم النكرة الموصوفة بصفة غير ملحوظة، ولا مذكورة.... أىحادث خطير دعاك إلى السفر. 
17- أن تكون معطوفة على معرفة؛ نحومحمود وخادم مسافران. هذه ليست مبتدأ، ولكنها معطوفة على المبتدأ فهي بمنزلته. 
18- أن تكون معطوفة على موصوف، نحوضيف كريم وصديق حاضران. 
19- أن يكون معطوفًا عليها موصوف، نحورجل وسيارة جميلة أمام البيت. 
20- أن تكون مبهمة قصدًا، لغرض يريده المتكلم؛ نحوزائرة عندنا. 
21- أن تكون بعد لولا؛ نحولولا صبرٌ وإيمانٌ لقتل الحزين نفسه. 
22- أن تكون مسبوقة بلام الابتداء؛ نحولرجل نافع. ونحو: لصديق خيرٌ من عدو. 
23- أن تكون مسبوقة بكلمة: "كَمْالخبرية؛ نحوكم صديقٌ زرته فى العطلة فأفادنى كثيرًا. أصل الكلام هنا، صديق زرته كم زورة!. فكممفعول مطلق واجب الصدارة، مبني على السكون في محل نصب، و "صديقمبتدأ. ومثلها: كم محاضرات حضرتها ولم أستفد منها كثيرًا!. 
24أن تكون مسبوقة بإذا الفجائية؛ نحوغادرت البيت فإذا مطر. ونحو: خرجت فإذا رجل يكلمني. 
 25- أن يكون مرادًا بها حقيقة الشىء وذاته الأصلية، نحوحديد خير من نحاس. 
26ـ إذا جاءت النكرة بعد حرف الجرٍّ الزائد «رُبَّ»، مثل: «رُبَّ عِلمٍ يَنفَعُ»ويرى بعض النحاة أنَّ المبتدأ يكون نكرة إذا سُبق بأي حرف جر زائد، وليس «رُبَّ» بالتحديد، مثل: «بِحَسبِكَ كُرمُ أَحمَدِ». 
27ـ إذا كانت النكرة مُبهمة يصحُّ الابتداء بها، كأن تكونَ اسمًا من أسماء الشرط أو من أسماء الاستفهاممثل: «مَنْ يَصدِقُ فِي قَولِهِ يَصدِقُ فِي عَمَلِهِ» أو «مَنْ أَنتَ؟»وذلك لأنَّ أسماء الشرط والاستفهام أسماء مُنَكَّرة ولا تُعَرَّف على الإطلاقوتقع «مَا» التعجبية اسم نكرة بمعنى شىء في محل رفع مبتدأ لنفس السبب أيضًا، مثل: «مَا أَجمَلَ كَلَامَكَ».  
فإذا أفادت النكرة جاز الابتداء بها ولا يجوز الابتداء بها  ما لم تفد. 
بقيت نكرات أخرى قد تعرب مبتدأ، مع أنها لا تدخل تحت مسوغ مما ذكروه؛ نحو"مذو"منذ" فهما نكرتان فى اللفظ؛ فى نحوما رأيته "مذأو"منذيومان، وإن كان بعض النحاة يعتبرهما معرفتين معنى؛ إذ المعنىأمد انقطاع الرؤية يومان مثلا. 
تأخر وتقدم الخبر جوازًا فهوالأصل الغالب؛