أقسام الخبر:
**************
الخبر جزء أساسىّ فى الجملة؛ يكملها مع المبتدأ الذى ليس بوصف ويتمم معناها. وهو ثلاثة أقسام: مفرد، وجملة. وشبه جملة.
لأن الجزء الذي يكمل الجملة مع المبتدأ الوصف لا يسمى خبرا، وإنما يسمى "مرفوع الوصف"، سواء أكان المرفوع فاعلا، أم نائب فاعل، ويقول ابن مالك في الخبر:
والخبر الجزء المتم الفائدة ... كالله بر والأيادي شاهده
"الله بر" مبتدأ وخبر، وكذلك: "الأيادي" مبتدأ، مرفوع بضمة مقدرة على الياء، و "شاهدة" خبر مرفوع.
ويراد بشبه الجملة في هذا الباب أمران، هما: الظرف، والجار مع مجروره.
ـــ القسم الأول الخبر المفرد:
****************************
وهوما كان كلمة واحدة، أوبمنزلة الواحدة "أى: ليس جملة، ولا شبه جملة" وهوإما جامد"، فلا يرفع ضميرًا مستترًا" فيه، ولا بارزًا، ولا اسمًا ظاهرًا؛ وإما مشتق "وصف" فيرفع ضميرًا مستترًا وجوبًا، أويرفع ضميرًا بارزًا، أو: اسمًا ظاهرًا بعده.
والخبر المفرد الذي بمنزلة الكلمة الواحدة يشمل أنواع الاسم المركب، كالمركب المزجي، والمركب العددي، الذي يلحق به "مثل: هذه نيويورك - أنتم أحد عشر" والمركب الإسنادي "مثل: هذا "جاد، الله". ولا يدخل الإضافي.
والخبر المفرد الجامد، أي: ليس مشتقا. والخبر المفرد الجامد لا يرفع ضميرًا مستترًا" فيه إلا عند التأويل، "مثل: قلب الظالم حجر. أي: قاس لا يلين"، "يد الشجاع حديد. أي: قوية". ولا يصح التأويل بالمشتق إذا أريد بالجامد ذاته الأصلية حقيقة أو مبالغة، كأن يرى أسدا حقيقيا فنقول: هذا أسد، أو: ترى شجاعا فتقول على المبالغة والإدعاء المجازي: هذا أسد. كما لا يجوز التأويل إذا أريد التشبيه البليغ في: هذا أسد، أي: هذا كالأسد في الشجاعة، وكذا المنسوب، و "ذو" بمعنى: صاحب،والمصغر.
والخبر المفرد المشتق الذي يتحمل الضمير: بأنه الذي يجري مجرى فعله في كثير من أموره، كالمشاركة في حروفه الأصلية وفي حركاته، وسكناته، وعمله، كاسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل.... وكذلك الجامد الذي الذي تضمن معنى ذلك المشتق، كالمنسوب، والمصغر، و "ذي" بمعنى: صاحب -
أما المشتق الذي لا يجري مجرى الفعل ولا يتأول به فإنه لا يتحمل ضميرا، كاسم الآلة، واسم الزمان، أو المكان، فكلمة "مفتاح" اسم آلة، مشتق من الفتح فإذا وقع خبرا في مثل قول الشاعر:
الرفق يمن: وخير القول أصدقه ... وكثرة المزح مفتاح العداوات
لم يتحمل ضميرا. وكذلك ما كان على صيغة "الزمان أو المكان": نحو، ملعب، ومطعم، ومجلس، وموعد.... فإنه لا يتحمل الضمير إذا وقع خبرا.... إنما يتحمله المشتق الجاري مجرى الفعل.
ومن المشتق "الوصف" ما يعرب على حسب الظاهر خبرًا للمبتدأ، مع أن معناه فى الواقع لا يَنْصَبُّ على ذلك المبتدأ، ولا ينسب إليه مباشرة: مثل: البنت الأبُ مكرمَتُهُ هى. "فالبنت" مبتدأ أول. و"الأب": مبتدأ ثان. "مكرمة" خبر المتبدأ الثانى، مع أن معنى هذا الخبر مُنْصَبٌّ على المبتدأ الأول وحده، لان البنت هى المكرمة؛ أى: المنسوب لها الإكرام، دون المبتدأ الثانى.
وهناك أمثلة للوصف الواقع خبرًا يصلح فيها أن يكون جاريًا على من هو له وعلى غير من هو له، فيقع اللبس فى المراد: نحو: "الفارس الحصانُ مُتْعِبُه" فكلمة: "الفارس" مبتدأ، و"الحصان" مبتدأ ثان "ومُتْعِب" خبر الثانى وفيه ضمير مستتر، والجملة منها خبر الأولى. فما المراد من هذا المثال؟ أتريد الحكم على الحصان بأنه يتعب الفارس؛ فيكون الخبر جاريًا على من هوله: أم نريد الحكم على الفارس بأنه يتعب الحصان؛ فيكون الخبر جاريًا على غير من هوله؟ الأمران محْتمَلان مع اختلافهما فى المعنى. وهذه هى حالة اللبس، حيث لا قرينة ترجح أحدهما على الآخر. فإن كان المراد هوالمعنى الأول الذى يقتضى جريان الخبر على من هوله وجب استتار الضمير مراعاة للأصل السابق؛ ليكون استتاره دليلا على ذلك المعنى؛ فنقول: "الفارس الحصان متعبه". وإن كان المراد هوالمعنى الثانى الذى يقتضى جريان الخبر على غير من هوله وجب إبراز الضمير منفصلاً؛ ليكون إبرازه دليلا على جريانه على غير من هوله؛ فنقول "الفارسُ الحصانُ متعبه هو". فالضمير: "هو" عائد على الفارس، المنسوب إليه "أنه متعب"، والمحكوم عليه بذلك الحكم. والضمير: "الهاء" المتصل بالخبر. وهوالهاء فى آخر كلمة: "متعبه" عائد إلى المبتدأ الثانى".
ومن أمثلة الخبر المفرد:
- الشمس كرة، الفرات نهر، فالخبر فى الأمثلة السابقة فارغ من الضمير المستتر، وغير رافع لضمير بارز أولاسم ظاهر بعده.
- وإما مشتق "وصف" فيرفع ضميرًا مستترًا وجوبًا، أويرفع ضميرًا بارزًا، أو: اسمًا ظاهرًا بعده؛ مثل: الهرم مرتفع - الآثار غالية. أى: مرتفع هو. وغالية هى، فقد تحمل المشتق ضميرًا مستترًا وجوبًا يعود على المبتدأ؛ ليربط الخبرية ارتباطًا معنويًا. ومثل: ما راغب أنتم فى الظلم؟ فقد رفع الخبر المفرد المشتق ضميرًا بارزًا بعده. ومثل: الورد فاتن ألوانُه، ساحر أنواعُه. فكل من الوصفين: "فاتن، وساحر" قد وقع خبرًا، ورفع بعده اسمًا ظاهرًا. فلا بد فى الخبر المشتق من أن يرفع ضميرًا مستترًا وجوبًا، أوضميرًا بارزًا أويرفع اسمًا ظاهرًا بعده.
وخلاصة ما تقدم:
1- أن الخبر الجامد لا يتحمل الضمير إلا عند التأويل الذى يقتضيه السياق؛ وأما المشتق فيتحمله.
2- إذا جرى الخبر المشتق على غير من هو له وكان اللبس مأمونًا جاز استتار الضمير وجاز إبرازه.
3- وإن لم يُؤْمَنْ اللبس وجب إبرازه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق